- السراج الأرثوذكسي - https://www.alsiraj.org/blog -

سر التوبة والاعتراف

سر التوبة والاعتراف في الكنيسة هو سر قديم منذ تأسيس الكنيسة وكل مؤمن مدعو ان يتممه . واول ما يشيسر به الرب يسوع ودعا اليه ( توبوا قد اقترب ملكوت السماوات"

هو مفتاح لكل الاسرار فلا يوجد سر يمكن ان يمارس بدون التوبة . لذلك كل الاسرار محصورة بين سري التوبة والاعتراف والتناول . اتوب واعترف يكون لي الحق في ممارسة الاسرار .

اهمية لهذا السر هناك لابد حرب شيطانية لا احد يستطيع ان ينكر هذا الشيطان يحارب كل انسان . الحرب تؤدي الى سقوط . المعمودية من الماء والروح لا تتكرر لانها ولادة من الله ، والولادة لا تتكرر. لكن التوبة والاعتراف ممكن يتكرر لذلك تسمية معمودية ثانية دائمة . والسبب في الحرب الشيطانية وجود الروح والجسد في الانسان. فالروح يشتهي ضد الجسد والجسد يشتهي ضد الروح وكلاهما يقاوم الاخر .

ان الاقوى فيهما له القيادة الحل دائما هو التوبة ولذلك التوبة تحول من حياة الحسد الى حياة الروح او من الاتجاه الى الاسفل للاتجاه الى اعلى او من الحياة حسب الجسد الى الحياة حسب الروح .

v                      معنى التوبة :

 تاب اي تاب اي عاد الى ثوابه او رشده هذا في اللغة العربية.  اما التوبة في اللغة اليونانية هي اعمق من التوبة باللغة العربية  ، في اليونانية مأخوذة من كلمتين " ميتا" و نوس" فمعناها  ( ميتانيا) اي تغيير الذهن والفكر والسلوك اي تحولا في فكر الانسان في سلوكه وحياته .

اذا التوبة الحقيقية هي تغيير وهذا التغيير لا يحصل بالقوة البشرية انما يحصل بقوة الهية ، هذه هي التوبة الحقيقية اي تحول الانسان ويعود الى حالته الطبيعية .

بالنسبة لنا المهم ان نتوب قبل فوات الاوان وقبل ان يدركنا الموت فجأة .

التوبة هي جوهر الاعتراف . اعتراف بدون توبة يساوي صفر لا حل ولا شيء يفيد الانسان في الاعتراف. بدون توبة الاعتراف لا قيمة له ، الاعتراف هو اعلان عن التوبة وضمان لعدم العودة للخطية .

السبب الذي يجعل الانسان يرجع للخطية ويكررها ليس فقط حرب الشيطان ولكن عدم وجود التوبة . هذا السر اهميته في انه يغير الحياة .

– اذا لم يتم هذا التغيير فالاعتراف ليس له قيمة ولا فائدة لذلك نسميه تغيير القلب والفكر وتجديد الحياة .  

– اذا التوبةانها رجوع الى الله :" ارجعوا اليَ ارجع اليكم ( ملاخي 3:7) ، التوبة هي الصلح مع الله ،

– هي تغيير شامل لحياة الانسان وهي تجديد للذهن :" تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم ( رومية 12: 2)

v                      لزوم التوبة للخلاص :

        اذ بدونها يهلك الانسان : " ان لم تتوبوا فجمعيكم كذلك تهلكون ( لوقا 13: 3) .

       هي لازمة لكي تمحي الخطايا :" توبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب ( اعمال 3: 19) .

       التوبة لازمة هي المعمودية ليحصا الانسان على غفران الخطايا : توبوا وليتعمد كل واحد منكم على اسم يسوع لمغفرة الخطايا (اعمال 2:38) .

       فالخلاص مقدم للكل ولكن لا ينال منه الا التائبون .

       عدم التوبة معناه الارتباط بالخطية وبالتالي الانفصال عن الله ، فما دامت هناك الخطية لا يوجد اذا خلاص لان الانسان لا يخلص وهو في حياة الخطية . 

       ليس الاعتراف معادلا للتوبة بل هو عمل من اعمالها

       ليس الاعتراف تعريف الله بخطايانا الله يعرفها مسبقا ، الاعتراف هو ان نقر بذنبنا وباننا قد اسأنا الى الله والى الناس ، الغرض من الاعتراف هو ان نتصالح مع الله ومع الكنيسة فنندم فنعترف بخطايامنا ونطلب من الله ان يسامحنا وان يمنحنا النعمة لكي لا نعود الى الخطية .

 

v                      متى نعترف

       ليس للاعتراف زمان محدد ولا هو ضرورة تسبق الاشتراك في القداس الالهي ، التوبة وحدها ضرورية لهذا الاشتراك ؟. اذا متى اعترف الجواب على هذا الجواب مرهون بامرين الاول ضمير المعترف بثقل الخطية والثاني الاساءة الى الكنيسة بشكل صارخ زنى ، جريمة ، سرقة ، عدواة …  مما يتوجب الاعتراف عنها والا حرم صاحب العلاقة من الاشتراك في القداس الالهي .

       تذكير بقصة القديس ساسين الكبير وامثال التوبة من الانجيل

 

v                      لمن نعترف

اذا كلنا يجب ان نعترف بخطايانا حتى الله يغفر لنا، ولكن لمن نعترف هل اعترافنا يتم بيننا وبين الله وهذا لايكفي، فانسان لا يحتاج الى وسيط بينه وبين الله اما جواب الكتاب المقدس الذي هو جواب الكنيسة ، الاعتراف لله يجب ان يتم في الكنيسة التي هي جسد المسيح ، في الكنيسة حيث الله معنا بواسطة يسوع المسيح ، اذا كنا نأتي الى الكنيسة لكي نعتمد ونتاول ونتزوج ونحصل على نعمة الله أليس غريبا ان لا نأتي الى الكنيسة ونعترف بخطايانا وننال الغفران ونعمة الله .

الخطية ليست امر شخصي بل امر يتعلق به الله والكنيسة ، الخطية لها ابعاد ثلاث لاننا عندما نخطئ نحن نخطئ تجاه الله وتجاه انفسنا وتجاه الاخرين اي الكنيسة ، لذلك عندما نتوب علينا ان نعترف بخطايانا امام الله في الكنيسة حتى نحصل على الخلاص .

 

v                      تاريخية ممارسة الاعتراف

مارست الكنيسة المسيحية الاولى الاعتراف العلني كما يذكر لنا كتاب اعنال الرسل:" كان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بافعالهم … " .  وتمشيا مع هذا التراث فقد اعتمد المسيحيون الاولون اساقفة وكهنة وشعبا اسلوب الاعتراف العلني . وكانت الكنيسة تعاقب الخطأة بثلاثة اساليب اساسية : فالذين وقعوا في خطايا لا تسبب عثرات وشكوكا ، يعترفون بها علنا ويمنعون عن المناولة لفترة من الزمن لا تقبل تقدماتهم المادية للكنيسة . والذين سقطوا في خطايا تسبب العثرة للاخرين كعبادة الاصنام او القتل او الزنى ، فان عقاب على الجرم القانون  المدني  لا يتبع الاعتراف العلني والا فيعترف الخاطئ علنا بما اقترفه امام الكنيسة المجتمعة ويمنع الوقوف مع المؤمنين اثناء الخدم الالهية فضلا عن منعه عن المناولة الاهية وذلك لفترات مختلفة حسب الجرم قد تصل الى13 سنة .

والاعتراف العلني كان شائعا في العصور الاولى حيت التائب يعترف بخطاياه اما من تلقاء نفسه او عملا بنصيحة الكاهن الذي قبل اعترافه سرا . غير ان الكنيسة كانت تهتم دائما بامر الاعتراف العلني لكي  يسبب ضررا لصاحبه . على هذا الاساس لم يكن الكهنة ليفرضوا الاعتراف العلني على الذين ارتكبوا مث جرم القتل او الزنى لئ يتعرضوا  لصرامة القانون المدني.

كان الاعتراف العلني يتم بحضور الاسقف والكهنة والشعب حسب شهادة كبريانوس ، وكان السامعون يحزنون الخاطئ ويشاركونه في الصلاة.

ومنذ القرن الرابع اختفى الاعتراف العلني واخذ من ذلك الحين الشكل الذي نراه اليوم ، اذ يشكو المعترف نفسه للسيد المسيح ذاته بحضور شاهد هو الكاهن الذس يقدم له ارشاد ويشير عليه ببعض الفروض التأديبية .

ان وجود الكاهن في الاعتراف يخدم غرضين فهو من جهة علامة لحضور الله في لحظة الاعتراف بالذات ، اي ان الله يسمعنا ويقبلنا كالكاهن تماما وهو من جهة اخرى صورة الكنيسة الضارعة الى ربهخا المستغفرة اياه . وهو من هذه الزواية يحتضن المعترف كالام الحنون. اذا لم يكن هناك كاهن على اطلاق حينئذ ، وبصورة استثنائية ، يستحسن ان يفضي المعترف باعترافه لاحد المؤمنين الاتقياء وبالصلاة وطلب الرحمة يكون الحل من الخطايا .

اما اسباب زوال اعتراف العلني :

       ازدياد عدد المسيحيين .

       فقدان الحس الانتماء الى الكنيسة

       خوف من افشاء ما اعتراف به التائبون لمن لا علاقة لهم بالكنيسة

       تحول الاعتراف من العلن الى السر

v                      كيفية الاعتراف اليوم

 

الكاهن  يقف وراء الستار او في غرفة مظلمة ، بل يقف الكاهن الى جانب المعترف امام ايقونة السيد وبذلك يقدم الانسان المعترف اعترافه مباشرة الى الله عبر الوسيط يسوع المسيح بحضور ممثل الجماعة ( الكاهن

يسجد المعترف 3 مرات مع اشارة الصليب برسمه على وجهه ويقول : " يا الله اغفر لي انا عبدك الخاطئ " ويقول صلاة خاصة . وبعد ان يسمع الكاهن اعتراف التائب عن خطاياه يرشده ثم يقول صلاة خاصة ويمنحه الحل .

                               ان اعترافنا لكاهن هو بمثابة اعترافنا لله وللكنيسة كلها .

v                      صعوبات الاعتراف

أليست الخطية مرضا لكنها مرض روحي نحتاج الى طبيب لمعالجته وكما ان الله هو الذي يشفي امراضنا الجسدية على يد الطبيب كذلك الله هو الشافي امراضنا الروحية عبر الكاهن .

مهمة الكاهن مثل مهمة الطبيب لذلك الكاهن  يعالج عوارض الامراض با سبب العوارض اي اصل المرض ، لذلك الاعتراف في الكنيسة ارثوذكسية هو ارشاد روحي لكي يساعد المعترف على التخلص من امراضه الروحية .

المهم هو معرفة الخطية والاعتراق بها نكون قد قطعنا نصف الطريق . من احد الصعوبات اننا  نملك تواضعا ن كبريائنا لا يسمح لنا بالاعتراف بالخطية.

الاعتراق ليس _ دردشة) روحية ولا التحليل النفسي انه وقوف امام الله ، اعتراف من اجل الارشاد بل من اجل ان نتعترف بخطايانا . والاعتراف يكون بدون الغوص في التفاصيل لا علاقة لها بالموضوع .

                                  في المسيحية الخطية ليست للشفقة بل هي محاربة الشيطان .

v                      شروط سر التوبة

لكي يكون الاعتراف صحيحا ومقبولا عند الرب يجب ان يحقق افتراضات عدة هي:

1.                       ان يكون امام الاب الروحي .

2.                       ان يكون كاملا : اي ان يقول المعترف كل خطاياه من سن الطفولة – اذا كان هذا هو الاعتراف الاول – او من اخر اعتراف له ولا يخفي اية خطية ارتكبها

3.                       ان يكون برغبة تامة .

4.                       ان يتمم بتواضع وانسحاق .

5.                       ان يكون نقبا : يعني لا يتهم المعترف الاخرين امام الاب الروحي ليبرر نفسه ولا حتى الشيطان وانما يضع الذنب فقط على نفسه .

6.                       ان يكون صريحا : يعني ان يقول المعترف خطاياه بصدق من دون ان يذكر اسماء اشخاص لهم علاقة بخطاياه .

7.                       ان يكون في الاعتراف اقرار قوي امام الله والاب الروحي بمعونة النعمة الالهية ألا يعود المعترف ثانية الى هذه الخطية . اذا العزم على عدم العودة الى الخطية .

قد وضح الرب يسوع هذا الطلب في اثناء حديثه مع المراة السامرية اذ قال لها : " اذهبي ولا تخطئي ايضا "  وايضا في قوله لمريض بيت حسدا بعد ان شفاه : " ها انت قد شفيت فلا تخطئ ايضا لئلا يكون لك اشر "

من المفاهيم الخاطئة ان يظن البعض ان الاعتراف هو مجرد ان يذكر خطاياه للكاهن وياخذ عنها حلا وينتهي الامر دون ان يقرن الاعتراف بالتوبة الصادقة وبالندم