- السراج الأرثوذكسي - https://www.alsiraj.org/blog -

الميلاد يجدد الإنسان … ميلاديات 2015

[1]

الميلاد يجدد الإنسان
================

“أما أنا فقد أتيت، لتكون لهم حياة، وليكن لهم أفضل” (يو 10:10).

الإنسان : روح.. وعقل.. ونفس.. وجسد.. وعلاقات..
+ روح  تشبع بالله.
+وعقل  يستنير بنوره.
+ونفس  تنضبط بطاعة وصاياه.
+ وجسد يصح  بالسلوك السليم.
+ وعلاقات  تنجح بقيادة الروح القدس.


وهذه الزوايا الخمس، في الشخصية الإنسانية، هي نفس الزوايا الخمس، التي ذكر الكتاب المقدس، أن الرب يسوع، الكلمة المتجسد، كان ينجو فيها منذ طفولته المبكرة، إذ يقول معلمنا لوقا: “أما يسوع فكان يتقدم فى الحكمة، والقامة، والنعمة، عند الله، والناس” (لو 52:2).

+ الحكمة = النمو العقلي..
+ القامة = النمو الجسدي..
+ النعمة = النمو النفسي
+ أمام الله = النمو الروحي
+ والناس = النمو الإجتماعي
ولاشك أن ولادة السيد المسيح، كان فيه شفاء للنفس البشرية، وإنماء لكل مكوناتها، وتقديس لكل زواياها الخمس..


فالميلاد :
———–
+ .. يشبع الروح
+.. وينير العقل
+ .. ويضبط النفس
+ .. ويصح الجسد.
وينجح العلاقات.
الميلاد يشبع الروح “من يقبل إليّ فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش إلى الأبد” (يو 35:6).
هي ذلك العنصر الإلهي فى الإنسان.. فالإنسان في الأصل نفخة قدسية إلهية، استودعها الله في الجسد الترابي لفترة، إلى أن يتجدد الجسد بالقيامة، ويصير جسداً روحانياً سماويا نورانياً مقدساً، متحداً بالروح… وقائماً إلى سماء المجد!!

الروح هي العنصر الذي نختلف به عن كل الكائنات، فهو الذي يصل بنا إلى الإلهيات، والإيمانيات، والماورائيات: ما وراء المادة، وما وراء الزمن، وما وراء الطبيعة، وما وراء الكون، وما وراء الموت!!
إنها العنصر الميتافيزيقي (الما وراء المادي والطبيعي)، الذي به يعيش الإنسان وفيه ضمير هو صوت الله في الداخل، وبصمة القدير في الأعماق.
الروح هي الجسر الذهبي بين الإنسان والله، فمن خلاله يعبر الإنسان إلى الإلهيات والأبديات والسماويات، ويصل إلى الخلود، ليحيا مع الله في أبدية سعيدة، بلا نهاية!!

الميلاد.. والروح :
——————–
لاشك أن ميلاد المسيح كان وما يزال، سيظل إلى الأبد المعبر الوحيد بين:
+الإلهي… والإنساني.
+ الأبدي… والزمني.
+ السمائي…. والأرضي
+ الروحي… والمادي.

لقد شابهنا الرب يسوع – في ميلاده وتجسده – في كل شئ، ما خلا الخطيئة وحدها… فكان هو: اللاهوت الكامل = اللوغوس، الكلمة، الأقنوم الثاني.
والناسوت الكامل = روح إنسانية + نفس إنسانية + جسد إنساني، ولكن بلا خطية.
لقد قدس الروح القدس، كل قطرة دم، أخذها جسد الرب من أمنا العذراء، لذلك جاء الجسد ناسوتاً كاملاً، ولكن بلا خطية، ليصلح للفداء، وليتناسب مع الإلوهة الحالة فيه!!

+ الرب يسوع جمع في نفسه الإلهي مع الإنساني، “لأنه فيه سر أن يحل كل ملء اللاهوت جسدياً” (كو19:1).
+ والسمائي مع الأرضي.. “فليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، إبن الإنسان الذي هو في السماء” (يو13:3).
+والروحي مع المادي، ففيه كل ملء اللاهوت، وفيه روح إنسانية مثلنا، بلا خطيئة، فاللاهوت لم يحل محل الروح الإنسانية، وإلا ما كان المسيح مشابهاً لنا في كل شيء ما خلا الخطيئة وحدها، واللاهوت هو في اتحاد كامل مع الناسوت، المكون من روح إنسانية، وجسد إنساني محسوس، وهكذا يكون الرب، قد جمع بتجسده بين الروح والمادة.

كيف تشبع روحي؟
———————-
+ تشبع كلما رفعت أكفف الضراعة والصلاة، وأنين القلب، وأشواق الوجدان، ومناداة المسيح…
+وكلما تناولت من جسده ودمه الأقدسين…
+أو قرأت بالكتب الروحية…
+ أو تأملت بالكتب الروحية…
+ أو صمت، فانضبط الجسد، وانطلقت الروح…
+ أو خدمت، فتلامست مع أعضاء المسيح المجروحة والمتأملة…
+ أو رنمت وسبحت، فجلست فى صفوف السمائيين!!
+إن ميلاد المسيح هو فرصة شبع روحي ممتازة، لمن جعل من عيد الميلاد فرصة تأمل ودراسة وتناول وخدمة…

فنحن لا نكون فى الميلاد… إلا إذا كسونا عرياناً، أو زرنا مريضاً، أو خدمنا محتاجاً، أو رفعنا ظلماً، أو أنرنا طريقاً، أو أطعمنا جائعاً، أو أشبعنا روحاً… وطوبى لمن يعطى كما أعطى المسيح!! فالمسيح أعطانا تنازلاً إلهياً، من السماء إلى الأرض، وحباً لا نهائياً، حتى إلى سفك الدم، وروحاً قدوساً يقودنا نحو الملكوت.
هذا ما أعطاه المسيح… فماذا أعطينا نحن؟!
الميلاد ينير الذهن “الجالسون فى كورة الموت وظلاله، اشرق عليهم نور” (مت 16:4).

الميلاد… والنور صاحب الميلاد باستمرار…
—————————————————–
+ فالنبوة قالت: “الشعب الجالس فى الظلمة، أبصر نوراً عظيماً والجالسون فى كورة
الموت وظلاله، أشرق عليهم نور” (مت16:4)، (أش 2:9).
+ وقالت أيضاً: “يبرز كوكب من يعقوب، ويقوم قضيب من إسرائيل” (عد 17:24).
+ لهذا ظهر النجم للمجوس، الذين انتظروه مئات السنين حسب النبوة، وجاءوا قائلين: “رأينا نجمه فى المشرق، وأتينا لنسجد له” (مت 2:2).
+ ولما غاب النجم عنهم إلى لحظات، بعد أن وصلوا إلى أورشليم، استعاضوا عنه بنور النبوة: “وأنت يا بيت لحم، أرض يهوذا، ولست الصغرى بين رؤساء يهوذا، لأن منك يخرج مدبر، يرعى شعبى إسرائيل” (مت 6:4) وكان ذلك إلى حين، حتى يعرف اليهود أن المسيا قد ولد.
+ ثم عاد وظهر لهم من جديد، فى الطريق إلى بيت حم، “فلما رأوا النجم، فرحوا فرحاً عظيماً جداً” (مت 10:2)، “وإذا النجم ساطعاً، ووقف فوق حيث كان الصبى” (مت 9:2).. وكان النجم ساطعاً، وذو مسار مختلف، ومنخفضاً لدرجة الشارة إلى البيت الذى كان الرب فيه.
+ الرعاة أيضاً وقف بهم ملاك الرب، “ومجد الرب أضاء حولهم” أنه نور البشارة!! إنها أضواء السماء!!

كيف نستنير؟
—————-
+ كلما قرأنا كلمة الله :
+ “فالوصية مصباح، والشريعة نور” (أم 32:6).
+ سراج لرجلى كلامك، ونور لسبيلى (مز 105:119).
+ “فتح كلامك، ينير الجهال” (مز 130:119).
+ وكلما وقفنا أمامه فى الصلاة :
+ “لو وقفوا فى مجلسى، لأخبروا شعبى بكلامى، وردوهم عن طريقهم الردىء” (أر 22:23).
+”الرب هو الله، وقد أنار لنا” (مز 27:118).
+ “أنر عينى، فأرى عجائب من شريعتك” (مز 18:119).
+ “أضئ بوجهك على عبدك، وعلمنى فرائضك” (مز 135:119).
+ وكلما قرأنا الكتب الروحية وأقوال وسير الآباء :
+ “أتعب نفسك فى القراءة، فهى تخلصك من النجاسة” (القديس أنطونيوس).
+ “كثرة القراءة، تقوم العقل الطواف” (القديس أنطونيوس).
+ وكلما حضرنا الإجتماعات الروحية :
+ “متى اجتمعتم فكل واحد له مزمور، له تعليم… فليكن كل شئ للبنيان” (1كو 26:14).
+ “كانوا يواظبون على تعليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز، والصلوات” (أع 42:2).
+ وكلما طلبنا الإرشاد الروحى :
+ “أطيعوا مرشديكم، واخضعوا، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم…” (عب 17:13).
+ “… كأولادى الأحباء أنذركم، لأنه وإن
كان لكم ربوات من المرشدين، لكن ليس آباء كثيرون، لأنى أنا ولدتكم فى المسيح يسوع بالإنجيل، فاطلب إليكم أن تكونوا متمثلين بى” (1كو 15:4،16).

وهكذا يكون الميلاد، استنارة لأذهاننا، حيث يرشدنا نجم الكلمة إلى الصبى، والصبى إلى الخلاص، والخلاص إلى القداسة، والقداسة إلى الملكوت.