القسم الثالث من القداس الالهي
( قسم المؤمنين )
(7)
الذكرانيات والابتهالات
قديما كان الشماس يصعد على المنبر بعد استدعاء الروح القدس ويقرأ لائحة اسماء القديسين والاحياء والاموات التي تريد الكنيسة المحلية ذكرهم في الذبيحية الالهية،هذه اللائحة تسمى في اليونانية "ذبتيخا" وهي كناية عن لوحة مزدوجة كتبت عليها اسماء من تريد الكنيسة ذكرهم،على مثال اللوحين الذين اقتبلهما موسى النبي وكتبت عليهما الوصايا.
كان لهذه الذبتيخا اهمية كبرى.اذ ان ادراج اسم احد فيها علامة اعتراف باستقامة معتقده وبالاتحاد الكنسي معه.اما شطب الاسم عن ذبتيخا فكان يدل على ان الشخص قد زاغ عن الايمان وان رئيس الكنيسة المحلية قطع علاقات الشركة معه.وبحسب قرار المجمع المسكوني الخامس،كانت على الذبتيخا اسماء الارثوذكسيين فقط.اما اليوم فقد حفظ ذكر هذه الاسماء للكاهن المحتفل .المعمول به الآن هو ذكر للعذراء ومن ثم القديس يوحنا المعمدان والقديس المعيد له وجميع القديسين.وجزء الثاني ذكر للاسماء الراقدين وجزء ثالث للاسماء الاحياء.وايضا يذكر الكاهن الاسقف.
كما شرحنا سابقا بان القداس الالهي هو تذكارحياة المسيح،وبالتالي في الوقت نفسه تذكار حياة اولئك الذين كان المسيح يعيش فيهم (اي القديسين)،نحن في القداس الالهي نذكر القديسين حتى نشكرهم لانهم قادونا الى الله وايضا في القداس الالهي نحن نشكر الله لاجل قديسيه،ونشكره لاجل المجد الذي به مجد القديسين وما زال.وايضا يذكر الكاهن المدينة وسكانها المؤمنين وجميع المدن والقرى (اي كل المسكونة).
ذكرانيات لاجل الراقدين:
ان الصلوات والطلبات من اجل الاموات هي تقليد قديم وثابت في الكنيسة ،تستمر الحياة بعد الموت والذين يغادرون هذا العالم يحافظون على صلتهم مع اعضاء الكنيسة الذين هم على الارض بالمحبة المشتركة للمسيح. هذه المحبة تجمع المؤمنين في وحدة الكنيسة الواحدة الذي رأسها المسيح.
الموت يغير حسيا فقط في العلاقات بين الذين ماتوا والذين يحيون،اي انفصال النفس عن الجسد لا يلغي علاقة المؤمن مع الكنسية ولا يفصله عن باقي اخوته في المسيح،انه يواجد تواصل وحضور روحي متبادل بواسطة المحبة والصلاة من اجل بعضنا البعض فيما بين اعضاء الكنيسة السماوية والكنيسة الارضية لاننا جميعا شركة واحدة للقديسين.
على اساس هذه العلاقة نقدم الذكرانيات في الكنيسة ومن اجل ذلك كانت الكنيسة تقيمها وتصلي من اجل الاموات. لو لم تكن نافعة لما قامت بها الكنيسة ولا تضرعت من اجل الاموات.
ان الصلوات من اجل الاموات يؤكدها التقليد الرسولي.اذ نحن نطلب من اجل الراقدين اثناء تقديم الذبيحة وان نضع الاجزاء المختصة بالاموات امام الحمل بجانب الاحياء ومن ثم توضع جميع الاجزاء الاحياء والاموات في الكأس المقدسة حيث جسد يسوع ودمه الكريمين:اذ يقول الكاهن:"اغسل يارب خطايا عبيدك المذكورين ههنا بدمك المقدس بشفاعة والدتك وجميع قديسيك".
لذلك"لم يعد مجال للجهاد والاحسان بعد هذه الحياة.فبعد الموت لا تستطيع النفس ان تتحرر او تتوب او تقوم باي عمل.القداديس الالهية فقط وكذلك الصلوات والاحسان الذي يصير من اجلها من قبل الاحياء هذه فقط تنفعها.لان نفوس الراقدين تكون في راحة او في عذاب بحسب اعمال التي قام بها كل انسان الا انها تتحرر وترتاح اكثر بصلوات الكهنة وصلوات الاقرباء وخاصة تتقوى اكثر بالذبيحة غير الدموية التي تقام لاجل الراقدين.
متى نقيم الذكرانيات الراقدين ؟:
في اليوم الثالث:ذكرى قيامة الرب الثلاثية الايام .لان الانسان حصل على وجوده من الثالوث الاقدس وبموته سوف يتغير ويعود الى جماله الاول الذي كان عليه قبل السقوط.
في اليوم التاسع: هو رمز الى عدد الطغمات الملائكية .هو من اجل ان تنضم روحه كعديمة الهيولي الى مصف الملائكة.
في اليوم الاربعين: هو بحسب النظام القديم لان اليهود بكوا على موسى عندما مات 40 يوما. فهو رمز لصعود المخلص الذي جرت بعد اربعين يوما من القيامة. هذا لكي يصعد الراقد ايضا بعد اربعين يوما للمثول امام الرب.
في السنة:فهي اكرام للثالوث القدوس لان الراقد حصل على كيانه من الثالوث واليه يعود بعد انفصاله عن الجسد هذا تعبير على كون الانسان عديم الموت وانه سوف يتجدد ثانية عندما يشاء الخالق ان يقيم الجسد.
فضلا عن ذلك نجد لدى الكنيسة سبتين خاصيين للاموات وفيهما يتم ذكر جميع الراقدين منذ بدء العالم وحتى نهايته.
السبت الاول قبل مرفع اللحم،فيه تذكرالكنيسة اولادها الذين ماتوا في الارض الغربة سواء في البحر والبر والجو،لانه لم تقام لهؤلاء ذكرانيات خاصةحرموا من منفعتها ولكن ما السبب دفع الكنيسة لاختيار هذا السبت،لانه في اليوم التالي(يوم الاحد)نذكر يوم الدينونة وحضور المسيح في مجيئه الثاتي ولذلك يذكرون نفوس الراقدين في هذا السبت لكي يتضرعوا الى الديان حتى يشفق عليهم ويسكنهم في مكان الراحة.
السبت الثاني، السبت قبل العتصرة،وفيه نذكر جميع الراقدين على الايمان من أدم وحتى اليوم. الكنسية تصلي من اجلهم وتطلب من المسيح الذي صعد الى السماء لكي يؤهلهم في ساعة الدينونة ان يقدموا جوابا حسنا امام الديان.
اذا الكنيسة لا تصلي في هذا السبت من اجل المسيحيين فقط بل تصلي من اجل كل الناس عامة بدون تحديد وهنا نرى محبة الكنيسة لكل جنس البشري .
ان اكبر معونة يمكن ان تقدم لمن فارق هذه الحياة هو ذكر اسمه في القداس الالهي واقامة ذكرانية خاصة له.
فوائد الذكرانيات:
– المحبة تنمو بين الاحياءوالاموات.
– يتقوى الرجاء برحمة الله.
– يتقوى الايمان.
– حضور المسيح المستمرفي حياة الناس.
– اعلان التعليم بان الانسان هو مواطن سماوي ينتقل من الكنيسة المجاهدة على الارض الى الكنيسة الظافرة في السماء.
– تعطى مغفرة الخطايا للذين تقام الذكرانيات من اجلهم اذ يستجيب الله لتضرعات الكنسية.
سر الافخارستيا هو"سر الكنيسة كلها" هو حضور الكنيسة الجامعة المخلصة كلها عند الآب في المسيح يسوع،بكونها جسد ابن الله،بقوة الروح القدس. سر الافخاؤستيا هو عمل الهي لا من اجل الحاضرين لحظة التقديس وحدهم بل من اجل الكنسية جمعاء،من اجل كل العضو.هو سر الهي للكنسية الواحدة، االتي تضم المجاهدين والمنتصرين. فالاعضاء المنتصرة رحلوا عن العالم لا عن الكنيسة،ورحيلهم الى الفردوس لم يوقف تيار حبهم لاخوتهم المجاهدين،لان موت الجسد يعجز عن ان بفصلهم عن الكنسية او يقطع حبهم المشترك.الجماعة التي ينتسبون اليها المسيحيون لا يحدها العالم الخارجي الذي نعيش فيه،انما تمتد عبر الزمن وفوق حدود المكان لتشمل في طياتها الراقدين من الاحياء.وفي الله وفي كنيسته لا يمكن فصل الاحياء عن الاموات،لان الجميع واحد في حب الآب.فالمسيحيون،احياء او المنتقلون،هم اعضاء في كنيسة الله،منتسبون الى عائلة واحدة كأعضاء في كنيسة الله،ينتمي كل واحد لأخيه،مدعون كل واحد لحمل أيقال الاخر.الكنيسة في الحقيقية، المنظورة وغير المنظورة،تحتضن الارض والسماء معا، والمنتقلين والقديسين،والبشر والملائكة،تضم الجميع في جسد واحد.
يقول القديس مكاريوس الكبير:"ليس هناك طريق اخر به نخلص الا خلال قريبنا"،اذ لا نستطيع ممارسة خلاصنا خارج الاعضاء الاخرى..فنحن لا نقدر ان نكف عن الصلاة من اجل الغير، ما دمنل نحبهم وهم واحد معنا.
نحن نصلي من اجل الاخرين وهم احياء،فلماذا ننقطع عن الصلاة من اجلهم بعد موتهم؟هل لانهم صاروا غير موجودين ننقطع عن الصلاة عنهم؟لنفرض جدلا اننا لا نعرف قيمة هذه الصلوات من اجل الاموات،فاننا لا نكف عن الصلاة من اجل محبة الله المتفرقة.
يقول القديس يوحنا كرونستاد:"عندما تصلي من اجل رقاد نفس منتقلة الزم نفسك ان تصلي من كل قلبك،واضعا قدام عينيك ان هذا عمل رئيسي انت ملزم به،وليس عملا خاصا بالكهنة والكنسيين وحدهم …" "صلاة الايمان والحب من اجل الراقدين لها قيمتها في عيني الرب" " صل من اجل راحة نفوس اجدادك وآبائك واخواتك الراحلين،صل عنهم صباحا وعند الغروب،حتى يعيش فيك تذكر الموت،ولا ينطفئ فيك الرجاء في الحياة العتيدة التي بعد الموت،بل تتضع روحك كل يوم بتذكر وقتية حياتك."
في هكذا جو من المحبة والالفة والمشاركة بين جسد الكنيسة الواحدة بين الاحياء والاموات نستطيع اذا مع الكاهن ان نتوسل اكثر واكثر لاجل اخوتنا القربين والبعيدين الاحياء والاموات.لهذا يحثنا القديس باسيليوس الكبير الى الغيرة منهم والتشبه بهم لان كل شيء كان مشتركا بينهم :" النفس،السيرة،التوافق،المائدة المشتركة،اخوية غير منقسمة،محبة بلا مراءات واجساد كثيرة تعمل كأنها اعضاء جسد واحد.