- السراج الأرثوذكسي - https://www.alsiraj.org/blog -

علامات قيامة الرب ++ القديس يوحنا ذهبي الفم

علامات قيامة الرب

للقديس يوحنا ذهبي الفم

[1]


علامات قيامة الرب واضحة، وسهلٌ إدراكها:
ها هي حيلة الماكر قد أُحبِطَت، والحسد قد انتفى، والخصام رُذِلَ، والسلام استقرَّ، والحرب انتهت.

لا نعود بعد نحزن على آدم ”الإنسان الأول“، بل نُمجِّد ”آدم الثاني“.

لا نلوم بعد ”حواء“ العاصية، بل نمتدح ”مريم“ المُطوَّبة والدة الإله.

ليس هناك شجرة مُحرَّمٌ علينا أن نقترب منها، بل صليبُ الرب نحمله.

لا حيةً بعد نرهبها، بل روحاً قدوساً نهابَه.

لا نعود بعد نهبط إلى الدنيا، بل نرتفع إلى السموات.

لا ”نُطْرَدُ“ بعد من ”الفردوس“، ولكننا نحيا في ”حضن إبراهيم“.

لا يعود بعد ينطبق علينا ما قيل قديماً: «وأجعل نهارك كالليل الدامس»، بل ننشد بالتراتيل الروحية

: «هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. فلنبتهج ونفرح فيه».

ولماذا؟

لأن الشمس لا تعود بعد تظلم، بل الكل يستنير؛

ولأن حجاب الهيكل لا يعود بعد ينشق، ولكن الكنيسة تُستعلَن؛

ولأننا لا نعود نمسك بأغصان النخيل، بل نحمل ”المستنيرين حديثاً“ (المُعمَّدين).

«هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. فلنبتهج ونفرح فيه».

هذا هو اليوم الفريد من نوعه.

هذا هو رأس الأعياد.

هذا هو يوم النصرة الحقيقية.

هذا هو اليوم الذي تعارفنا أن نُخصِّصه لذكرى القيامة.

اليوم الذي يتزيَّن فيه الإنسان بالنعمة، ويشترك في الحَمَل الروحي (التناول).

إنه اليوم الذي يُعطَى فيه لبن(1) للمولودين من جديد.

اليوم الذي يتحقَّق فيه التدبير الإلهي لصالح المساكين.

«فلنبتهج في هذا اليوم»، لا بالجري إلى الحانات، ولكن بالهرع إلى المقادس؛

لا بتفضيل السُّكْر، ولكن بمحبة الرزانة؛

لا بالتلهِّي بالمسرَّات الجسدية، بل بالتمتُّع بالنِّعَم الرسولية؛

لا نتلهَّى كأطفال في الأماكن العامة، بل نرنِّم بالمزامير في بيوتنا الخاصة.

هذا هو يوم القيامة، وهو ليس يوماً دنياوياً للخروج عن حدود اللياقة.

فليس راقصٌ يمكنه أن يرتفع بذهنه أو بروحه إلى السموات.

وليس مَن هو في حالة سُكْر أن يقف بالقرب من مَلِك.

ليت أحداً بيننا لا يشين هذا اليوم الذي رُمز إليه قديماً في الناموس

(بالفصح)، والذي أُعلِن عنه بتنبيه شديد، ونودي به بصوت الأنبياء، والذي كان مُنتَظَراً بسبب الوعد الذي مُنِّيَ به الآباء، وتَمَّ فيه ما قد رآه الرسل بأعينهم وتقبَّلته الكنيسة بإيمانها.

هذا هو اليوم الذي فيه تحرَّر آدم، وأُعتِقَتْ حواء من حزنها.

(اليوم الذي فيه) الموت الذي كان كالوحش الكاسر، ارتخت قواه؛

والصخور الصلبة الراسخة، تشقَّقت وتهشَّمت؛

ومتاريس القبور، اقتُلِعَت مرة واحدة، ورُفِعَتْ؛

وأجساد الذين ماتوا قديماً، أُعيدَت لها الحياة؛

حيث أُلغيت قوانين القوات الخفية السرِّية الصارمة التي لا تقبل التغيير؛

وحيث انفتحت السموات عندما قام المسيح سيِّدنا، ومدَّ نبات القيامة الناضر الخصب فروعه في كل المسكونة، فصيَّرها فردوساً.

ومن أجل هناء الجنس البشري، ترعرعت زنابق ”المستنيرين حديثاً“؛

هناك حيث جفَّت شِباك الصيَّادين في الماء؛

وانحلَّت قُوَى إبليس، وتبدَّدت شراذم الشياطين؛

حيث حَشْد المُعاندين غطَّاهم الخجل، وجوقات المؤمنين تهلَّلوا بالفرح؛

وحيث تيجان الشهداء تلألأت بالبهجة:بنعمة المسيح الذي أنار بقيامته كل الأرض: ”الجالسة في الظلمات وظلال الموت“.

«هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. فلنبتهج ونفرح فيه».

له المجد والسجود مع الآب والروح القدس، إلى دهر الدهور، آمين.


(1) كناية عن المعرفة المسيحية الأولية التي تُعطَى للمؤمنين الجُدُد، وكان أيضاً يُقدَّم لهم فعلاً بعد العماد مباشرةً لبن وعسل كرمز لخيرات أرض الموعد الجديدة (الدخول إلى الإيمان).