- السراج الأرثوذكسي - https://www.alsiraj.org/blog -

عظة الاحد : ” الثالث من الصوم “(الصليب) كنيسة الصليب – النبعة (2019) الاب باسيليوس محفوض

[1]

باسم الأب والابن والروح القدس ، آمين
” ان أراد احد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني ”
(مرفس 8: 34)

أيها الأحباء هذا القول كما يطبق الان ليس صعبا ، اما كما قصد به بالاصل فهو بالحقيقة صعب جدا ولا يمكن ان يكون هناك قول اكثر صعوبة منه . لماذا؟.
قديما كانت عقوبة الإعدام لا تنفذ فقط بل كانت تنفذ علنا .كان المجرم يعبر الشوارع ماشيا او يُجر بواسطة عربة الى تنفيذ الحكم بالاعدام معلقا على خشبة.هذه الصورة يشتئمز منها العالم كثيرا من منظر المجرم الذي فقط كل الامال بنجاته .

لهذا ممكن تترجم كلمات يسوع في ذلك الوقت هكذا: ان أراد احد ان يأتي ورائي فليكن مستعدا ان يقاد الى الإعدام مقتديا بي .
قول يسوع : ” ان أراد احد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني “.جاء هذا بعد قصة اعتراف بطرس وتنبيه يسوع الأول الى الامه الوشيكة واحتجاج بطرس العنيف على آلام يسوع وتوبيخ يسوع الذي جلبه بطرس على نفسه .

وكأن يسوع يقول لتلاميذه “اما زلتم تعترفون باني المخلص ،اما مازلتم ترغبون في اتباعي ؟. اذا كان الامر كذلك ،فيلزمكم ان تدركوا بوضوح الى اين انا ذاهب وتفهموا انكم اتباعي سوف تذهبون الى هناك أيضا.
ينبغي على ابن انسان ان يتألم فهل كان التلاميذ مستعدين ان يتألموا معه؟ كان ابن الانسان أي يسوع المسيح يواجه إمكانية الموت العنيف فهل كانوا مستعدين لمواجته أيضا . اذ تبين ان هذا الموت سيكون على الصليب فهل كانوا مستعدين لذلك؟

فكان اول التلاميذ عليه ان يموت لاجل يسوع هو يعقوب ابن زبدى فقد قُطع راسه ، لكن هذا هو المقصود ب ” حمل الصليب” مواجهة الاضطهاد والموت لاجل يسوع .

وأيضا احد تلاميذ يسوع لاحقا وهو بولس الرسول فَهم هذا المعنى وعاشه تماما ،اذا كتب قائلا: “اموت كل يوم” يقصد بانه يتعرض لخطر الموت كل يوم .” لأننا نحن الاحياء نُسلم دائما للموت من اجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع في جسدنا المائت”(2 كورنثوس 4: 10- 11 )

بهذا المعنى ينبغي ان نفهم كلمات يسوع عن ضرورة انكار الانسان لنفسه اذا أراد ان يكون تلميذا له.
فاذا كان التلاميذ يتألمون لاجل اسمه فهذا يعني انهم كانوا شركاء في الامه وأيضا كانوا حقا تلاميذه وانه سوف يعترف بهم كتلاميذ في حضرة الله.

لماذ يا احبائي نهتم بالصليب؟ لاجل ماذا ؟
الحقيقة ان يسوع المسيح هو الذي اوصنا بهذا .عندما قال لشاب الغني :” يعوزك شي واحد اذهب بع كل شي واعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني حاملا الصليب ” ( مرقس 0 – 12) .
اذا الشرط الأساسي لنكون تلاميذ المسيح ان نحمل صليبا ونفتخر به كل أيام حياتنا ،لذلك نتمسك بالصليب في كل صلواتنا واعمالنا ونبارك كل خطوة نخطوها بالصليب.

لان بالصليب اعتراف بالثالوث القدوس ،فعندما نقول باسم الآب والابن والروح القدس ،نحن نعلن ايماننا بالثالوث القدوس . رسم إشارة الصليب هو اعتراف منا بالمخلص المصلوب : فكل من يعترف بي قدام الناس اعترف انا أيضا به قدام ابي الذي في السماوات “( متّى 10: 32) .

من اجل هذا نحن نتمسك برسم الصليب وعلّمت الكنيسة أولادها أيضا ان يتمسكوا به .لذلك نجد في الكنيسة ان الصليب يوضع عاليا وليس ارضا مهما كانت الظروف.
نحن عندما نحتفل بالصليب نقطف ثمارا كثيرة منها هي المحبة الكاملة لله وللانسان ،فالله احبنا وقدم ذاته من اجلنا .
فماذا قدّمنا للرب؟سجودا ذليلا امام الصليب المهاون الموضوع ارضا هذا عيبا كبيرا وعارا.
احتفالنا بالصليب حصلنا على الحياة الأبدية ،بدون صلب المسيح ما كان أي انسان يستطيع ان ينال الحياة الأبدية . الصليب هو الطريق الوحيد الذي ينال به الانسان الخلاص .
أيضا من ثمار احتفالنا بالصليب حصولنا على قوة المستمدة من الصليب .فلم تستطع الشياطين ان تقف امام قوة الصليب ،لان الصليب هو سر الغلبة على الشيطان وعلى الموت .
من ثمار احتفالنا بالصليب الغفران والتسامح لكل من اخطأ الينا. السيد المسيح اعطانا نوذج للغفران والتسامح مع صالبيه.
من ثمار الصليب أيضا حياة الفرح ،ليس فقط للبشر لكن فرح للمسيح نفسه .المسيح كان مسرورا بقبوله الصليب وأيضا نحن مسرورن بالصليب لان به خُلصنا .
اذا نحن نفرح بالصليب والسماء أيضا تفرح .
ان لم تكن فَرِحًا وانت صائم فلا يكون هذا الجهاد وحمل الصليب كامل .فالصليب الكامل لا بد ان يكون فيه قمة الفرح .

لاجل هذا يا احبائي كنيستنا المقدسة تخاطب الصليب كأنه شخص قائلين: افرح ايها الصليب ،علامة خلاصنا وفرحنا وعزاءنا وثباث المؤمنين والشهداء .
في زياحنا للصليب نزين الصليب بالورود والرياحيين ونطوف به مفتخرين رافعين إياه عاليا علامة مجيدة ومكرمة ليسوع المسيح الهنا الحقيقي .

نزفّ الصليب بالورود والشموع لأننا به نُعطى فَرَحاً ولان الذي سُمّر عليه جعل محبيه لا يبقوا مسمَّرين في خطاياهم بل دعاهم أبناء ورثة الملكوت .
في زياحنا للمصلوب يرتفع الصليب ولا ينحني ،لم يَعُد أداة العار بل انتصار وفخر لم يَعُد أداة الموت بل الحياة.

نضع ثلاث شمعات حول الصليب لان خلاصنا هو امرٌ مقررٌ في الثالوث القدوس منذ انشاء العالم ، نضع الشمعات الثلاث مضيئة طالبين الرحمة والمغفرة المعطاة لنا من الصليب علامة الظفر.

أخيرا احبائي :
احتفالنا بعيد الصليب لا يعني انها مجرد لان الصليب حياة وفرح والذين لا يحملون الصليب يهلكون . المسيح دعانا لنحمل صليبه كل يوم ولنسلك بحسب الدعوة التي دعينا اليها .ان اتباع المصلوب يجب ان تكون بفهم ووعي وصدق وليس كرنفالات وشعارات مزيفة ولامحاباة.

الصليب هو دعوتنا وعيدنا الدائم ليحيا المسيح فينا وبه نغلب . وبه نذوق بركة الصليب شجرة الحياة التي بها اتى الفرح الى كل العالم واسُتردت طبيعة ادم الساقطة .

عودوا الى الصليب رافعين إياه حتى ترتفع حناجركم وتقول المسيح قام آمين .