باسم الآب والابن والروح القدس،آمين
” قال الرب لموسى: قَدَسْ لي كل بِكْرٍ.. انه لي ” (خروج 13 – 1)
أيَها الأحباء : اليوم تعيّد كنيستنا المقدسة لعيد دخول ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح الى الهيكل .
وهذا اليوم هو المرة الأولى التي دخل فيها السيد المسيح الى الهيكل، فبعد ختانه في اليوم الثامن من بعد 40 يوما من ولادته ،صعدت امه مريم العذراء ويوسف خطيب مريم الى اورشليم وقدماه الى الهيكل حيث كان ينتظره الشخيان المباركان سمعان الشيخ وحنة النبية اللذان ظلا ينتظران لا كثر من مئة سنة ” ولما دخل بالطفل يسوع ابواه ليصنعا كما يجب في الناموس حمله سمعان الكاهن على يديه”
هذا الدخول الى الهيكل جاء تنفيذا لقول الرب عندما قال لموسى في العهد القديم ” قال الرب لموسى: قَدَسْ لي كل بِكْرٍ .. انه لي “.لذلك قضت الشريعة بان يُقدم الطفل البكر الى الهيكل في اليوم الأربعين لمولده.
يسوع هو قدوس في الوهيته ،انه كلمة الله القدوس ولكن لكونه انسان خضع للشريعة وافُتدى كما يُفتدى الفقراء بزوجي يمام او فرخي حمام .
كم انه بتقدمة ذاته للصليب صار هو” حمل الله ” (يوحنا 1- 36 ). قداسة الانسان تتحد باتحاده بالمسيح القدوس واصبح الفداء يتحقق بتقدمة الانسان ذاته مع المسيح المصلوب القائل:”من أراد ان يتبعني فلينكر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني ” هذه هي المسيحية .
المسيح يقدم ذاته فداء عن العالم والمسيحيون يقدمون ذواتهم بالاتحاد مع المسيح الفادي .
سؤال ماذا حدث عندما دخل يسوع إلى الهيكل؟ هناك سمعان الشيخ الوقور الذي كان يعمل في الهيكل، حمله على ذراعيه وقال، هنا النقطة الحساسة، عندما أبصر سمعان يسوع انتهت مهمته، قال: ” يارب الآن اطلق عبدك بسلام”، لماذا لأنه أبصر الخلاص، هذا هو الزمن الموعود الذي كانت تنتظره البشرية منذ بداية العالم، حضر اليوم.
اتى اليوم يسوع إلى العالم، فعندما حمله سمعان الشيخ قال: ” انتهت مهمتي يارب، اشكرك لأنك اريتني نورك”، نور مخلص العالم يسوع، هذا كان الهدف.
لكن ماذا حدث أيضاً؟ عندما استلم سمعان يسوع بين ذراعيه، شعر بأن وجود هذا الطفل الإلهي سيكون مخلص الناس لكن سيُحزن والدته العذراء مريم ،لأنه سيُصلب على الصليب، لذلك قال لها: ” وانت سوف يجوز سيفٌ في قلبك، ستحزنين، ستبكين على فراق ولدك”، من جهة يخلص العالم، ومن جهة سيُحزن والدته لأنها كانت فرِحَة العذراء مريم بتقديم ابنها الحبيب يسوع إلى الناس، كي يكون مخلصهم من عبودية الخطيئة والشر.
أيها الأحباء: لا بد من الإشارة إلى أن الهيكل، بحسب تعاليم السيد المسيح، ليس المكان الحجر إنما هو الإنسان فحين قال لهم يسوع بإمكاني هدم الهيكل وإعادة بنائه في ثلاثة أيام ضحِكوا وقالوا له كيف ذلك؟ احتاج اجدادنا مئات السنين حتى بنوا هيكل أورشليم. فيما هو كان يقصد هيكل جسده الذي سيُهدم على الصليب بالموت ويعود بعد ثلاثة أيام إلى القيامة.
إذا الهيكل بحسب تعاليم المسيح هو هيكل جسدنا وهو الإنسان. ودخول المسيح إلى الهيكل في هذا العيد هو دخوله إلى حياتنا، من هنا نقول على أمل أن يدخل نور المسيح الذي يرمز بيننا من خلال الشموع التي
سنباركها وتعطى لكم كبركة ،اذ تذكركم الشمعة بنور المسيح المضيء الذي لا يغرب ابدا ،اذا نطلب من يسوع ان يدخل نوره في قلوبنا كي نسير في النور وليس في الظلام .فتأخذوا الشمعة الى بيوتكم وعائلاتكم فتستنيروا بها في تربية اولادكم وتجعلوها شعلة نور ومحبة وسلام وايمان بيسوع المسيح المخلص الفادي.
ماذا نتعلم او ماذا نستنتج من احتفالنا بهذا العيد المبارك دخول السيد الى الهيكل.
أولا :اننا كعائلات علينا ان نعود الى ان نعيش اصالة ايماننا الأرثوذكسي ونتقيّد بتعاليم كنيستنا الارثوذكسية المقدسة من جديد ونلتزم بعيشها في حياتنا كل يوم .ان يقدم كل اب وام اولادهما الى الرب في الكنيسة.
ثانيا ، علينا ان نشكر الله على نعمه المعطاة لنا ،أي ان الله جاء يقدم ذاته الينا بابنه يسوع المسيح لاجل خلاصنا ،وما زال يقدم ذاته كي يباركنا ويقدس حياتنا .
أيضا احتفالنا بهذا العيد أيها الأحباء: يعلمنا ان نربي أولادنا على حفظ الوصايا الإلهية والتعاليم التي تأمر بها الكنيسة عندها ننال نعمة عظيمة من الرب.لنكون مرضيين لدى الرب .
كما عملت وعلّمت وربّت مريم العذراء ابنها يسوع ،الذي يقول فيه الانجيل المقدس: : بانه كان ينمو بالقامة والحكمة والنعمة امام الله والناس.”
كما يعلمنا أيضا احتفالنا بهذا العيد المبارك .ان نكون متمثلين بسمعان الشيخ كي لا نضيّع فرصة الذهاب الى الكنيسة لنحمل الرب يسوع ليس على ذراعينا بل في قلوبنا جميعا.حتى نقدر ان نقول مع بولس الرسل :” مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا فيَّ”
أخيرا كونوا مثل سمعان الشيخ وحنة النبية وعاينو نور المسيح الذي لا يُغلب ولايغرب في حياتكم كي تبقوا في فرح المسيح دائما .