الشرُّ وَالخطيئَة الأصلية (3)
نتائج الخطيئة
أما النتائج التي تقود إليها الخطيئة فيعبّر عنها الكاتب في ثلاثة تصاوير:
الخجل من العري
"فانفتحت أعينهما فعلما أنهما عريانان، فخاطا من ورق التين وصنعا لهما منه مآزر".
ان الابتعاد عن الله لا يقود الانسان إلى المعرفة والحكمة، كما قالت الحية: "تنفتح أعينكما وقصيران كآلهة عارفي الخير والشرّ"، بل يقوده إلى اكتشاف عريه. والعري هنا يعني ضعف الانسان وعجزه. ثم ان كلمة عريان في العبرية (عيروم) قريبة من كلمة محتال (عاروم)، وقد قيل في أول الرواية إن الحية "أحيل جميع حيوان البرية"؛ فالانسان الذي يسمع كلمة الشرير المحتال يصبح على مثاله شريراً محتالاً. وإنّ الخجل من العري هو أخيراً تعبير واقعي عن سيطرة الشهوة على الانسان. فالنتيجة الأولى التي تقود إليها الخطيئة هي أنها تجعل الانسان خجلاً من نفسه، عاجزاً إزاء شهوته، محتالاً وشريراً إزاء الآخرين
التعب والمشقّة
قال الرب للمرأة: لأكثرنَّ مشقّات حملك، بالألم تلدين البنين وإلى بعلك تنقاد أشواقك وهو يسود عليك. وقال لآدم… ملعونة الأرض بسببك، بمشقّة تأكل منها طول أيام حياتك، وشوكاً وحسكاً تُنبت لك، وتأكل عشب الصحراء، بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها".
إنّ النتيجة الثانية التي تقود إليها الخطيئة هي الخلل في العلاقات بين الانسان ونفسه، وبين الانسان والآخرين، وبين الانسان وعمله. وقد رأى الكاتب أمثلة عن هذا الخلل في الألم الذي يرافق الولادة، والتعب الذي يرافق العمل، وعدم الانسجام في العلاقات بين الرجل والمرأة.
فقدان الحياة مع الله
"أخرج الرب الإله الانسان من جنّة عدن ليحرث الأرض التي أخذ منها": إنّ "جنة عدن"، أو "جنة النعيم"، هي صورة لحياة الانسان مع الله، والخروج من الجنة تعبير عن فقدان الانسان صداقة الله. لقد رفض الانسان شريعة الله التي تحدّد له "الخير والشر"، وأراد أن يكون هو إله نفسه وشريعة نفسه، فقطع العلاقة الشخصية التي كانت تربطه بالله. فلا عجب من ثمَّ أن يشعر بأنه قد أصبح بعيداً عن الله، وبأن الله قد أصبح عنه غريباً.
نقلا عن كتاب:"اللاهوت المسيحي والانسان المعاصر" الجزء الاول