القسم الثالث من القداس الالهي
( قسم المؤمنين )
(6)
الافاشين الشكر ( الانافورا)
بعد الحوار الشكري بين الكاهن والشعب يبدأ الكاهن بالافاشين الانافورا:
" واجبٌ وحقٌّ أَنْ نسبِّحَكَ ونبارِكَكَ، ونحمَدَكَ ونشكرَكَ، ونسجُدَ لكَ في كلِّ مواضعِ سيادتِك. لأنَّكَ أنتَ الإلهُ الذي لا يَفي بِه وصفٌ ولا يَحدُّهُ عقل، غيرُ المنظور، غيرُ المدرَك، الدائمُ وجودُه، والكائنُ هكذا هوَ هو. أنتَ وابنُك الوحيدُ وروحُكَ القدُّوس. أنتَ أخرجتَنَا مِن العدمِ إلى الوجود، وبعد أَنْ سقَطْنا عُدْتَ فأَقمتَنا. وما بَرِحْتَ تصنعُ كلَّ شيءٍ حتى أَصعدتَنا إلى السماء، ووَهبتَنا مُلكَكَ الآتي. فمِن أجلِ هذهِ كلِّها نشكرُك، أنتَ وابنَك الوحيد وروحَكَ القدُّوس، من أجلِ كلِّ الإحساناتِ الصائرةِ إلينا التي نَعلمُها والتي لا نَعلمُها، الظاهرةِ وغيرِ الظاهرة. نشكرُكَ أيضاً من أجلِ هذهِ الخِدْمة، التي ارتضَيْتَ أَنْ تقبَلَها مِن أيدينا، مع أَنَّه قد وقفَ لدَيْكَ ألوفٌ مِن رؤساءِ الملائكةِ ورِبْواتٌ من الملائكة، والشيروبيمُ والسيرافيمُ ذوي الأجنحةِ الستَّةِ والعيونِ الكثيرة، متعالين ومجنَّحين بتسبيحِ الظَّفرِ مترنِّمينَ، وهاتفينَ، وصارخينَ، وقائلين:"
ان افاشين الشكر حتى الاستحالة موجهة الى الله الآب :" أنتَ وابنُك الوحيدُ وروحُكَ القدُّوس.." ان المسيح في القداس يقدم نفسه الى الآب بواسطة الكاهن الذي يمثل الكنسية.فالذبيحة ذبيحة الابن المقدمة الى الله الآب من اجل العالم ولذلك فالكاهن اذ يمثل الكنسية في هذه الذبيحة يتوجه الى الله الآب.
ايضا يتلو الكاهن باسم المؤمنين افشين الشكر ويشكر الله فيه لانه اخرجنا من العدم الى الوجود ورغم سقوطنا بالخطيئة منحنا الخلاص ونشكره على كل احساناته الينا الظاهرة وغير الظاهرة.
الانسان المسيحي هو العبد الشكور ودوما الذي يؤمن بان الله يريد خيره وان كان هو يجهل كيف يعمل الله ويؤمن بان كل عطية صالحة هي من لدن الله.
الكاهن لانه قبل ذبيحتنا مع انه وقف حوله الوف من الملائكة " بتسبيحِ الظَّفرِ مترنِّمينَ، وهاتفينَ، وصارخينَ، وقائلين:.." هنا يرتل الشعب: " قدُّوسٌ، قدُّوسٌ، قدُّوسٌ ربُّ الصباؤوت. السماءُ والأرضُ مملوءتانِ مِن مجدِك. (الجزء الاول)أوصَّنَا في الأعالي. مباركٌ الآتي باسمِ الربّ، أوصَّنَا في الأعالي (الجزء الثاني)".
الجزء الاول:(التسبيح الملائكي) الذي تنشده الملائكة يذكرنا بالنشيد الذي سمع اشعياء الملائكة يرددونه امام العرش الله عندما شاهد رؤياه (اشعياء 60) .
الجزء الثاني:(التسبيح البشري )ردده اطفال اورشليم عند دخول المسيح اليها في احد الشعانين ،اوصنا في الاعالي مبارك الاتي باسم الرب اوصنا في الاعالي . كلمة اوصنا هي الكلمة العبرانية هوشعنا وتعني خلصنا يامن في الاعالي.
ملكوت السماوات ( متى18- 3).
اذا الملائكة والبشر يؤلفون كنيسة واحدة راسها المسيح الاله الانسان. وان الخدمة التي تجري من الارض هي صورة للخدمة الدائمة التي تجري في السماء لان الكنيسة هي السماء على الارض والملائكة يساهمون معا في الخدمة التي نقيمها .
بعد ترتيل النشيد (الملائكي والبشري) يتابع الكاهن افشين الشكر باسم كل الشعب الواقف حوله يقر فيها ويعترف بقداسة الله ومجده اذ يقول :" فمَعَ هذهِ القوَّاتِ المغبوطة، نهتِفُ نحنُ أيضاً أيُّها السيِّدُ المحبُّ البشر، ونقول: قدُّوسٌ أنتَ وكليُّ القُدْس، أنتَ وابنُكَ الوحيد وروحُكَ القدُّوس. قدُّوسٌ أنتَ وكليُّ القُدْس، ومجدُكَ عظيمُ الجلال.."هذا التذكر لما صنعه معنا ليس مجرد عرض بسيط للاحداث الخلاصية كفيلم سينمائي انما هو احياء لهذه الاحداث وكأنها حاصلة الآن ونشكل منها جزءا منها. لذلك الكاهن يكرر في كل قداس هذا التذكر لكي نحياها في كل قداس الهي.
"أنتَ أحببتَ عالَمَك بهذا المِقدار…" : هنا يظهرعظمة محبة الله الآب للعالم اي بذل ابنه الوحيد عن العالم لكي يعود العالم من جديد الى حياة.كان باستطاعة الله الآب ان يخلصنا بطريقة أخرى. بل ليظهر لنا محبته التي تفوق على كل شيء.ولو كان لديه ما هو اكرم من ابنه لبذله عنا لكي يكون البشر قربه.اذا ذبيحة المسيح هي كشف للمحبة الالهية.بهذا اظهرت محبة الله فينا ان الله ارسل ابنه الوحيد الى العالم لكي نحيا به.
"حتى إِنَّك بذلتَ ابنَكَ الوحيد، لكَيْ لا يهلِكَ مَنْ يؤمنُ بِه، بل تكونَ لهُ الحياةُ الأبديَّة…"
القداس الالهي هو فعلا ذبيحة لان المسيح يذبح ويقدم الى المؤمنين مذبوحا. لذلك هذه الذبيحة ليست صورة ذبيحة او رمزا لكنها ذبيحة حقة. في نهاية الافشين يعلن الكاهن وهو يشير الى الحمل (القربان)على الصينية الذي سيتحول الى جسد يسوع بحلول الروح القدس عليه :" خُذوا كُلوا، هذا هو جسَدي، الذي يُكسَرُ مِن أجلِكم، لمغفِرةِ الخطايا "،ويجيب الشعب آمين ثم يشير الى الكأس قائلا:" إِشربُوا مِنها كلُّكُم، هذا هو دَمي للعهدِ الجديد، الذي يُهَراقُ عنكُم وعَن كثيرين، لمغـفِرةِ الخطايا"
نحن الآن فعلا على مائدة العشاء السري،مائدة الملكوت مع الرب ورسله ونسمع صوت الرب يقول لنا خذوا كلوا… اشربوا… .
ان القديس ثاوفيلكتس البلغاري يقول في تفسيرهذه الكلمات التأسيسية يسأل ذاته قائلا: لماذا قال المسيح " اشربوا منه كلكم" ولم يقل لما اسلم جسده (كلوا منه كلكم) فيجيب ان يهوذا الاسخريوطي اقتبل الخبز المسكور ولم يأكله بل اخفاه لكي يريه لليهود ويفهمهم ان يسوع يدعو الخبز جسده. واما الكأس فشرب منها اضطرارا لانه لم يكن يستطيع ان يخفي ما شرب فلذلك قال:" اشربوا منه كلكم" ولم يقل (كلوا كلكم).
الذكرانية :
بعد كلام التأسيس( خذوا كلوا..اشربوا ) يقول الكاهن افشين الذكرى:" ونحنُ بما أَنَّنا ذاكرونَ هذهِ الوصيَّةَ الخلاصيَّةَ وكلَّ ما جَرى مِن أجلِنا: الصليبَ، والقبرَ، والقيامةَ في اليومِ الثالث، والصعودَ إلى السماوات، والجلوسَ عن الميامن، والمجيءَ الثاني المجيدَ أيضا ً " .
الذبيحة التي نقدمها هي امتداد وتذكار لما فعله الرب من اجلنا لكي يخلصنا كما انها استباق لما سيحث في المستقبل اي اشتراكنا في مائدة الملكوت والمجيء الثاني.لاجل هذا الكاهن يقدم القرابين باسم كل المؤمنين الواقفين حوله.اذا هذه الذبيحة كما قلنا قبلا هي ذبيحة شكر نرفعها لله لكي نشكر على كل ما اعطانا. الخبز الذي هو عنصر الحياة نقدمه للرب رمزا لتقديم حياتنا لكي يقدسنا وندخل الملكوت لذلك يقول الكاهن:" التي لكَ ممَّا لكَ، ونحن نُقدِّمُها لكَ عَنْ كلِّ شيء، ومِن أجلِ كلِّ شيء"ويجيب المؤمنون:" : إيَّاك نُسبِّح، إيَّاك نُبارِك، إيَّاكَ نشكرُ يا رب، وإليكَ نطلبُ يا إلهَنا".
استدعاء الروح القدس:
بعد الكلام التأسيس يقول الكاهن صلاة استدعاء الروح القدس رافعا الصلاة باسم الكنيسة المجتمعة مستعملا بصيغة الجمع:" أيضاً نُقرِّبُ لكَ هذهِ العبادةَ الناطِقةَ وغيرَ الدمويَّة، ونطلُبُ ونضرعُ ونسأل. فأَرْسِلْ روحَكَ القدُّوسَ علينا وعلى هذهِ القرابينِ الحاضرة "
في هذه الصلاة نصل الى اهم لح
ما يميز هذه الصلاة هو استدعاء الروح القدس علينا وعلى القرابين.علينا ان نصير هياكل للروح القدس ويتابع الكاهن هدف الاستحالة: لكي " يكونا للمتناولين نباهة النفس ومغفرة الخطايا.." ويتابع الكاهن شكره لله على النعم الكثيرة التي منحنا اياها الانبياء والرسل والقديسين اذ يقول :"… نُقرِّبُ لكَ هذهِ العبادةَ الناطِقةَ مِن أجلِ الذين تُوُفُّوا على الإيمان: الأجدادِ، والآباءِ، ورؤساءِ الآباءِ، والأنبياءِ، والرُّسلِ، والكارزينَ، والمبشِّرينَ، والشهداءِ، والمعترفين، والنسَّاكِ، وروحِ كلِّ صِدِّيقٍ تُوُفِّيَ على الإيمان …"ونشكره بالاخص من اجل والدة الاله ومن اجل القديس يوحنا المعمدان والقديس الذي نقيم تذكاره وجميع القديسين .
فيرتل الشعب بواجب الاستهال. اثناء ترتيل هذا النشيد يأخذ الكاهن بقايا خبز التقدمة التي تقال باليونانية(بروتي)او(انتيذورون)ويرفعها على المائدة ويدعها تلامس الكأس والصينية.